عام من التوازن الحذر.. قراءة في أداء قطاع النفط العراقي لعام 2025
شهد إنتاج النفط العراقي في 2025 استقراراً نسبياً مع تذبذب طفيف شهرياً نتيجة عوامل سوقية ولوجستية وسياسية. حيث كان متوسط الإنتاج الخام المسجّل

رائد العبيدي*
شهد إنتاج النفط العراقي في 2025 استقراراً نسبياً مع تذبذب طفيف شهرياً نتيجة عوامل سوقية ولوجستية وسياسية. حيث كان متوسط الإنتاج الخام المسجّل في أشهر عام 2025 الأخيرة يقدّر بنحو 4 مليون برميل يومياً، مع زيادة طفيفة في صادرات البصرة خلال النصف الثاني من العام.
وتعد الإحصاءات المتعلقة بإنتاج النفط في العراق لعام 2025 ذات أهمية قصوى لفهم الأداء الاقتصادي للبلاد، حيث تشير البيانات الصادرة عن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) ومصادر أخرى إلى اتجاهات متفاوتة على مدار العام. فبينما شهدت الأشهر التسعة الأولى من العام صادرات كبيرة، مع تحقيق عائدات مهمة، تأثر الإنتاج بالالتزام بتخفيضات “أوبك+”، ما أثر على التدفقات المالية.
وفي أول ثمانية أشهر من 2025 بلغ إجمالي الإنتاج نحو 964.9 مليون برميل وصادرات تقترب من 816 مليون برميل مما حقق إيرادات نفطية مهمة. هذه الأرقام تعكس اعتماد الاقتصاد العراقي الكبير على عائدات النفط.
على صعيد السياسات والاتفاقات الدولية، تواصل بغداد التنسيق مع أوبك+ بشأن الحصص والإلتزامات، وقد جرى رفع الحصة المستهدفة تدريجياً لتقريباً 4.11 مليون برميل يومياً بنهاية 2025 ضمن آليات التوازن السوقي. في الوقت نفسه تعلن الحكومة عن خطط طموحة لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 7 ملايين برميل يومياً بحلول 2029 عبر مشاريع توسعة عديدة.
وقد شهدت الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025 إنتاجاً نفطياً كلياً للعراق بلغ حوالي 964.9 مليون برميل، معظمها من محافظة البصرة، مما يشير إلى استقرار نسبي في الإنتاج. وتُظهر البيانات الشهرية لصادرات النفط الخام بعض التقلبات، متأثرة بقرارات تحالف “أوبك+”، حيث شهدت بعض الأشهر ارتفاعًا في الصادرات، بينما شهدت أشهر أخرى انخفاضًا.
مشاريع وتوسعات بارزة (2025)
أبرم العراق خلال هذا العام عدداً من الاتفاقيات لتوسيع الإنتاج وتحسين البنية التحتية:
اولا: توسعة حقل الطوبة لرفع الإنتاج من 20 ألف إلى 100 ألف برميل يومياً بمساهمة شركات صينية واستثمارات كبيرة.
ثانياً: مفاوضات واتفاقيات لتطوير حقول مثل نهر بن عمر ورفعها بمشاركة شركات دولية (تعاون مع هاليبرتون وغيرها) لزيادة الإنتاج والغاز المصاحب.
ثالثاً: عقد شركة bp لتطوير حقول كركوك الذي من المقرر أن يضيف طاقة انتاجية بمقدار 150 الف برميل يومياً الى طاقاتها الحالية.
وهنا بعض المؤشرات المهمة عن انتاج النفط في العراق خلال عام 2025:
– متوسط انتاج النفط العراقي :حوالي 4 مليون برميل يومياً مع الأخذ بالاعتبار القيود الإنتاجية المفروضة من قبل تحالف “أوبك+”.
– متوسط الصادرات اليومية: شهدت الصادرات تقلبات شهرية، لكن متوسطها خلال عام 2025 بلغ حوالي 3.35 مليون برميل يومياً.
المخطط التالي يبين إنتاج النفط العراقي خلال عام 2025 حسب الأشهر (علماً أن أرقام شهري تشرين الثاني وكانون الأول تقديرية وفقاً لحصة العراق وفقاً لاتفاق اوبك بلس):
إنتاج العراق من النفط خلال عام 2025 حسب الأشهر
التحديات والآفاق المستقبلية
يواجه قطاع النفط العراقي تحديات متعددة، من أبرزها التزاماته بتخفيضات الإنتاج ضمن تحالف “أوبك+”، والتي تؤثر على الكميات المصدرة والعائدات المالية. ورغم التوقعات التي تشير إلى زيادة تدريجية في حصة العراق من الإنتاج خلال العام، إلا أن الالتزام بقرارات التحالف يظل عاملاً رئيسياً.
وبالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالإنتاج والصادرات، يواجه العراق تحديات في تطوير البنية التحتية، وتنويع مصادر الدخل لتخفيف الاعتماد على النفط. وتُشير الخطط المستقبلية إلى سعي الحكومة لزيادة القدرة الإنتاجية في السنوات القادمة، بهدف الوصول إلى مستويات أعلى بحلول عام 2028، مما يتطلب استثمارات كبيرة وتطويرًا مستمرًا في الحقول النفطية.
صادرات العراق النفطية:
كان معدل تصدير النفط العراقي خلال أشهر عام 2025 مساوياً لـ3.357 مليون برميل/يوم وكما مبين في المخطط التالي:
انتاج العراق النفطي خلال عام 2025 حسب الأشهر
صادرات المشتقات النفطية
بالإضافة إلى النفط الخام، يواصل العراق تصدير المشتقات النفطية، حيث صدر أكثر من 2 مليون طن خلال الربع الثالث من عام 2025. وشملت هذه الصادرات زيت الوقود والنفثا ووقود الطائرات، مما يدل على تنوع محدود في صادرات الطاقة العراقية. ومع ذلك، شهدت صادرات المشتقات النفطية انخفاضاً بنسبة 20.5% خلال الربع الثالث من العام، ما يستدعي الاهتمام بتعزيز هذا القطاع.
الخلاصة:
واصل العراق خلال عام 2025 ترسيخ مكانته كأحد أكبر منتجي النفط في العالم بمتوسط إنتاج يقدّر ب4 مليون برميل يومياً، وصادرات مستقرة عند حدود 3.35 مليون برميل يومياً. وقد حقق خلال الأشهر الثمانية الأولى أكثر من 816 مليون برميل من الصادرات بإيرادات بمليارات الدولارات، ما يؤكد استمرار اعتماد الاقتصاد العراقي على العوائد النفطية.
ورغم التزام بغداد باتفاقات أوبك+ لضبط الحصص الإنتاجية، فإنها تسعى إلى رفع طاقتها إلى 7 ملايين برميل يومياً بحلول 2029 عبر مشاريع تطوير ضخمة في عدد من حقولها.
كما تعمل شركة سومو (SOMO) على تحسين قدرات التصدير وتطوير الموانئ الجنوبية في البصرة، ما يعزز موقع العراق في الأسواق الآسيوية خصوصاً.
ومع أن التحديات الأمنية واللوجستية لا تزال قائمة، فإن المسار العام يشير إلى نمو مستدام في الصادرات والإيرادات خلال الأعوام القادمة إذا استمر الاستقرار والسياسات الاستثمارية الحالية.
مما تقدم فأن العراق سيظل لاعباً رئيسياً في سوق النفط العالمي مع خطط توسع طموحة وبرامج لتعزيز الصادرات والعائدات. ومع ذلك فأن تحقيق أهداف السعة العالية يتطلب استقراراً أمنياً، واستثمارات ضخمة، وتحسين البنى التحتية والتسويق.
*رائد العبيدي، رئيس مهندسين بترول ومدير موقع AONG، خبير في إنتاج ومعالجة النفط والغاز، وعضو في جمعية مهندسي البترول (SPE). له محاضرات على يوتيوب وكتابان في المجال النفطي.


